mardi 3 septembre 2013

مسودة

سِرْ بِي إِلَى سُوسٍ بِكُلِّ أَمَانٍ * فِي سِرْبِ إِخْوَانٍ ذَوِي إِيمَانِ
مَنْ لَمْ يَجُلْ فَهْوَ الصَّبِيُّ وَإِنَّمَا ال * رَّجُلُ الَّذِي قَدْ جَالَ فِي الأَوْطَانِ
وَاعْرِفْ نَوَاحِيَ قُطْرِكَ السَّامِي وَجُلْ * فِيهِ بِوَادِيهِ مَعَ البُلْدَانِ
فَالعَارُ يَلْحَقُ عَارِفِي الوَطَنِ البَعِي * دِ وَفِي المَوَاطِنِ يَجْهَلُونَ الدَّانِي

فَاسٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا فَاسٌ لَهَا * فَخْرٌ عَلَى البُلْدَانِ فِي الأَوْطَانِ
فَالعِلْمُ يَنْبَعُ مِنْ صُدُورِ أُنَاسِهَا * كَمِيَاهِهَا نَبَعَتْ مِنَ الحِيطَانِ
مَا كَادَهَا أَحَدٌ بِسُوءٍ عَنْ هَوًى * إِلَّا وَكَانَ بِهَا رَهِينَ تَعَانِ
هِيَ غُصَّةٌ فِي حَلْقِ مُبْغِضِ أَهْلِهَا * أَهْلِ النُّهَى وَالفَضْلِ وَالإِتْقَانِ
عُلَمَاؤُهَا كَادُوا يَكُونُوا أَنْبِيَا * يُوحَى لَهُمْ مِنْ حَضْرَةِ العِرْفَانِ
صُلَحَاؤُهَا يَعْنُوا لَهُمْ أَهْلُ العُلَى * خُصُّوا بِسِرِّ حَظِيرَةِ الإِحْسَانِ
جُهَّالُهَا فَاقُوا أَفَاضِلَ غَيْرِهَا * فِي الذِّكْرِ وَالذِّكْرَى بِلَا نُكْرَانِ


الشيخ أبو العباس سيدي أحمد بن محمد التجاني الحسني، صاحب الطريقة التجانية، أحد أشهر الطرق الصوفية وأكثرها انتشارًا في العالم، خصوصا في القارة الإفريقية السمراء، هو من مواليد قرية عين ماضي بالصحراء الشرقية عام 1150 هـ، كان أجداده يقطنون سابقا بمنطقة عبدة من إقليم مدينة آسفي بالمغرب، ثم انتقل جده الرابع [سيدي محمد بن سالم] إلى الصحراء، واستوطن قرية عين ماضي، وبها بقيت نسبة كبيرة من أبنائه إلى الآن.
أما الشيخ سيدي أحمد التجاني فقد استوطن بمدينة فاس خلال العقدين الأخيرين من عمره، ووجد بها ترحابا كبيرًا من طرف سلطان المغرب وقتئذ المولى سليمان، الذي صار فيما بعد من جملة تلامذته وأتباعه، كما أهدى له دارًا فخمة بمدينة فاس كانت تسمى إذ ذاك بدار المراية.
توفي رضي الله عنه بمنزله المذكور بمدينة فاس يوم الخميس 17 شوال عام 1230 هـ ــ 21 شتنبر 1815م، ودفن بزاويته الكبرى بحي البليدة بفاس، وقد أُلِّفَتْ في حقه عشرات الكتب إن لم نقل المآت، منها كتاب جواهر المعاني وبلوغ الأماني من فيض الشيخ أبي العباس التجاني، لتلميذه العارف بالله سيدي الحاج علي حرازم برادة، والجامع لما افترق من درر العلوم الفائضة من بحار القطب المكتوم، لتلميذه العارف بالله سيدي محمد بن المشري، والإفادة الأحمدية، لمريد السعادة الأبدية، لتلميذه الشريف سيدي الطيب السفياني، وبغية المستفيد، لشرح منية المريد، للعلامة الولي الصالح، سيدي محمد العربي بن السائح وغيرها.

عمامة الشيخ التجاني رضي الله عنه

كانت عمامته قدس سره على ما بلغنا على لسان الثقة من الثوب المعروف بالمطيب، وهذا الثوب كاد أن ينقطع، وهو من الكتان الغليظ، ذات عشرة أدرع، ويكورها على قلنسوة حمراء من تحتها قلنسوة بيضاء، ويغرز طرفها بإبرة حتى لا تنحل، وَيلفُّ عليها حبلا رقيقًا من الوَبر على عادة أهل الشرف الوطني(1)، وقد تبركت بحبل من الحبال التي كان يلف بها عمامته، وجعلته على رأسي، ولويته على عنقي في وسط جماعة من الإخوان، من جملتهم محبنا الأعز المرحوم السيد الحاج محمّد فتحا بن المدني القباج(2)، وهذا الحبل كان على ملكه، وقد أدرجهُ في عنقي وعنقه، وهذا الرجل من الفانين في محبة الشيخ رضي الله عنه، وقد أفضى به الإستغراق في المحبة إلى الجذب الذي اتَّصف به آخر عمره بنحو أربع سنين، وَقد توفي رحمه الله عام 1333هـ، وحول هذا المقام أنشدت مخاطبا لسيدنا رضي الله عنه وأرضاه وعنا به(3):

برنوس الشيخ رضي الله عنه وكساؤه

كان الشيخ رضي الله عنه يلبس سلهامًا من الوَبر في بعض الأحيان، وفي بعض الأوقات يلبسه من الصّوف، يدخله في عنقه، ولا يجعله على عاتقه من غير أن يدخله في عنقه، ويضرب بطرفه على رأسه لتغطية وجهه عندما يريد أن لا يرى أحد وجهه، وبالأخص عند مروره بين النسوان وقت زيارته ووعظه لهن(1).

ولون برنسه البياض، وكَان يتخيّل لي أنّه أسْود، ولا يبعد أن يكون عنده، وله برنس كذلك من صبغة الرحمان، وأما لون الوبر فهو معروف، وكان يلبسه سفرا وحضرا، ولباس البرنس من لباس السلف الصالح، ففي العتبية قال مالك : سمعت عبد الله بن أبي بكر وكان من العباد وأهل الفضل يقول: ما أدركت الناس إلا ولهم ثوبان، برنس يغدو به، وخميصة يروح بها، قال القاضي أبو الوليد ابن رشد : البرانس ثياب في شكل الغفائر عندنا، مفتوحة من أمام، تلبس على الثياب في البرد والمطر، وأما الخمائص فهي أكسية من صوف رقاق معلمة وغير معلمة يلتحف بها، كانت من لباس الأشراف في أرض العرب الخ ... كما كان له رضي الله عنه كساء يلتحف بها، وكان يعقد طرفها بحزامه حتى لا تنحل عن كتفه، وكانت من النوع الرفيع والسدي الرقيق المتنافس في عمله للأكابر.

(1) حول هذا الموضوع ذكر العلامة سكيرج في كتابه كشف الحجاب ما نصه : وكثيرا ما كان سيدنا رضي الله عنه يدخل لدار صاحب الترجمة (عم العباس بن الغازي) فيجتمع عليه أهله للزيارة، فيضع سيدنا رضي الله عنه طرف سلهامه على وجهه لئلا يرى أجنبية، فإذا أكثرن عليه من طلب الدعاء وتقبيل يديه يقول لهن : بركه بركه، بمعنى يكفي يكفي، يأمرهن بالكف عنه، وكذلك كان رضي الله عنه يفعل في عشية الجمعة بالزاوية المباركة إذا كان خارجا منها، فإنه يذهب وحده للموضع الذي كان جعله لهن، لئلا يزدحمن بباب الزاوية فيحصل بذلك الضرر الديني من ازدحام النساء والرجال في الدخول والخروج، فإذا ذهب لناحيتهن يجعل على وجهه طرف سلهامه، فيزدحمن عليه للزيارة، فيدعو لهن بصلاح الأحوال دنيا وآخرى ويعظهن ويذكرهن إلخ ... أنظر كشف الحجاب للعلامة سكيرج ص 311.

نعل الشيخ رضي الله عنه

كانت نعل سيدنا رضي الله عنه من النعال المعروفة عندنا بفَاس بالنعال المشيطة، وهي الجنس الرفيع من النعال في وقته، تشابه النعل الشريفة في الهيئة، فكان رضي الله عنه يلبسها مدة قليلة ثم يلتمس الأصحاب منه أن يتحفهم بها، فيلبس بدلها جديدًا، وما رئيت في رجله الشريفة نعل بالية، وذلك حالة ركوبه ومشيه راجلا، مما ازداد به حسَّاده عجبا من الترفه الذي لم يظفروا منه بأقل قليل، وقد تشرفت بالتبرك بنعله اليسرى عند محبنا الأعز السيد أحمد بن الحاج محمد بن المدني القباج(1). وباليمنى عند عمه المحب الصادق السيد محمد فتحا القباج، وتشرفت بالنعل الشريف التي عند الشريف الجليل سيدي إبراهيم بوطالب.




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire